العلاقة بين إيران والكويت قديمة وتاريخية كما السعودية والعراق , فتارة تكون مستقرة وأخرى مضطربة , بين الكويت وإيران الكثير من الجوانب المشتركة التي بمقدورنا أن نتناولها سواءا كان من الماضي أو للمستقبل ..... العلاقة متشعبة ( إجتماعيا , سياسيا , إقتصاديا , أمنيا ) وممتدة منذ أكثر من 300 عام .
كتبت فى مقال سابق بأن الكويت محاطة ب3 أخطار أي 3 جيران , والعلاقة معهم تختلف من دولة لأخرى حسب الظروف السياسية والزمانية , البعض لايحب سماع ما يخالفه من رأي , فعندما إسترسلت ودونت عن العلاقة بين الكويت والسعودية بسلبياتها وإيجابياتها , إنهالت على ردة فعل غاضبة ومتحاملة بسبب رأي الذي كتبته فى تلك المقالة .
وقتها تغيرت نظرة بعض الزملاء لي , ووجدت من هو لايحب سماع صوت مخالف له وهو ينادي بحرية الرأي , فى تلك التدوينة دونت مما هو لا يستحب ذكرة من ذلك التاريخ , و كانت بعنوان الخطر الثالث الرابط .
العلاقة بين إيران والكويت هي جزء ( بسيط جدا ) من العلاقة بين إيران والعرب , لاشك إنه بحث تاريخي طويل وعميق ومفصل ويحمل في طياته الكثير , ولكنني سأحاول بقدر الإمكان عدم الإنجراف فى العلاقة بين إيران والعرب فعنوان البحث اليوم ( بين الكويت وإيران ) .
كيف ينظر الإيرانيون الى الكويت ؟؟
الفرس يرون بأنفسهم رمز للحضارة الأقدم والأكثر عراقة , هم بلد العلماء والخيرات , ينظرون الى العرب بأنهم قبائل من الأعراب يأكلون الجراد , ناقشت الكثير من الإيرانيين ورأيهم بالكويت فكانت أغلب الإجابات بأن الكويت هي قاعدة عسكرية أمريكية ضد إيران كما يعتقدون , وان الكويت كانت سندا قويا للنظام العراقي المعتدي على إيران وفتحت مجالها الجوي والبحري له , وإن حضارة دول الخليج إستثنائية بسبب الطفرة النفطية , فالوضع الحقيقي لدول الخليج هي قبل وبعد النفط .
كيف ينظر الكويتيين الى إيران ؟؟
بأنهم توسعيون ويتآمرون على الكويت , نفسهم طويل بالنزاعات , ولديهم طاقة بالحركة والعمل والمناورة على أكثر من صعيد ,يريدون تصدير الثورة الى الكويت ليس بالضرورة عسكريا , ثقافيا إعلاميا وغيرها من الطرق الأخري , يزيدون من الشحن الطائفي عن طريق تحريض شيعة الكويت تجاه بعض القضايا لصالحهم .
الجزء الآخر من الكويتيين يرون بأن إيران دولة جارة صديقة وهي عبارة عن سوق إقتصادي كبير ومفيد للكويت كما هو حاصل فى إمارة دبي ومن الأفضل كسبهم لأنهم عامل أساسي للتوازن السياسي والأمني فلايمكن تجاهلهم .
إيران تمثل عمقا تجاريا مهما للكويت منذ نشأتها , المجتمع الكويتي مجتمع مهاجر , فالهجرة من إيران للكويت كانت منذ القدم , بالإضافة لحالات النسب , لم تقتصر هذه الهجرات على عائلة أو طائفة معينة بل كانت الهجرة من إقليم بلوشستان فى أقصى الشرق الإيراني مرورا بالوسط الفارسي الى منطقة حكم بني كعب ( الأهواز حاليا ) .
العلاقة فى زمن دولة الشاه
شاه إيران ( عرش الطاووس ) هو الخليج الفارسي و الجزر الإماراتية وإستقلال البحرين وإحتلال الأهواز هو شرطي الخليج والسفارة الإسرائيلية بطهران ,التحالف وثيقا جدا بينه وبين أمريكا وإسرائيل , كان يشكل هاجسا مخيفا للعرب الذين يحاولون إرجاع فلسطين , المعروف عن شاه إيران بأنه آري و عنصري ويكره العرب الى حد كبير , لم يسلم منه حتى الإيرانيون العرب بالأهواز , كان علمانيا شبيها بالنظام التركي ( حاليا) , قوة إقتصادية وعسكرية هائلة .
1959
واجه شاه إيران بعض المتاعب بسبب رفض الشيخ عبدالله السالم فتح قنصلية إيرانية بالكويت لرعاية مصالح الجالية الإيرانية ومصالحهم بعد تخلي الحكومة البريطانية عن ولاية الشؤون السياسية الخارجية في الكويت , أراد الشيخ عبدالله السالم أن تكون للكويت صبغة عربية خالصة , ورفض كذلك القنصلية الباكستانية والأمريكية بالإضافة الى الإيرانية , وكان ذلك لفترة وجيزة .
1969
زيارة تاريخية لشاه إيران للكويت , لعل الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي زارها شاه إيران , فى عام 1977 تعرضت الكويت لضغوط سياسية كبيرة من قبل حكومة شاه إيران لمنع السيد الخميني من الدخول لها بعد حصوله على تأشيرة دخول , وكان قد طرد من العراق .
شاه إيران والشيخ صباح السالم فى مطار الكويت الدولي
إجمالا , كانت العلاقات مستقرة ولكنها مصحوبة بحذر , وكانت إيران تمثل وجهة سياحية للكويتيين , ونسبة الجالية الإيرانية بالكويت كبيرة نسبيا .
إنتصار الثورة الإسلامية 1979
فصل جديد من العلاقات بين الكويت وإيران وهي الأسوأ , فهاجس تصدير الثورة الإيرانية كان منتشرا فى المنطقة , والكويت من أكبر الداعمين للعراق فى حربها ضد إيران طيلة 8 سنوات .
على أثر هذه الحرب تعرضت الكويت لجملة من الإعتداءات الإيرانية بقصف بعض المنشآت الكويتية , وناقلات النفط , وتحريض بعض الأحزاب القريبة منها لعمل بعض الأعمال التخريبية بداخل الكويت كتفجير السفارة الأمريكية ومحاولة إغتيال الأمير الراحل جابر الأحمد , وإختطاف الطائرات .
فى عام 1987
إنقطعت العلاقات بين الكويت وإيران فى ذلك العام , وكانت حرب إعلامية متبادلة , وتم الإعتداء على السفارة الكويتية وحرق جزء منها .
مرحلة بعد التحرير
أدانت إيران الغزو العراقي , وأعلنت الحياد بحرب تحرير الكويت عام 1990 بين قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد النظام العراقي , بعد التحرير بدات صفحة جديدة فى العلاقات بين البلدين .
2005
بعد نجاح محمود أحمدي نجاد وهو من التيار الراديكالي , وضع البرنامج النووي الايراني نصب عينيه وجعله هدفا إستراتيجيا له .
الوضع الحالي , هناك حرب إعلامية وسياسية بين أمريكا وإيران مع إحتمال قيام حرب بينهما مستقبلا , وضعنا بالكويت صعب , إيران دولة جاره لنا , والولايات المتحدة حليف للكويت , فالوضع دقيق , والكويت إستفادت من أخطائها بالسابق وخصوصا ماحدث وقت الحرب العراقية الإيرانية , فأعلنت أكثر من مرة بأنها مع الحق النووي السلمي الإيراني وبالمقابل لا إعتداء على إيران من أراضي الكويت .
شبكة تجسسية
أثارت الكثير من ردات الفعل الكويتية , وهو تدخل بالشؤون الداخلية وعدم إحترام للجيرة , فتصور معي مالذي يمكن حدوثه على سبيل المثال , إذا أكتشفت إيران شبكة تجسس كويتية ؟؟ وكيف ستكون ردة الفعل الإيرانية ؟؟
نعم القضية مازالت تحت نظر القضاء , و لكل حادث حديث .
الجرف القاري والحدود البحرية
فقدت الكويت الكثير من الأراضي التابعة لها فى الشمال والجنوب , ولانتحمل فقد المزيد من الحدود حتى إذا كانت حدود بحرية ( بروحنا هالنتفه ) , فالجرف القاري وحدودنا البحرية مع الجمهورية الإيرانية غير واضحة المعالم , البحر هو المتنفس الرئيسي والممر التجاري المهم للكويت , وهو مصر للثروة السمكية , ومن غير صحيح إهمال الحدود البحرية وتركها بدون ترسيم , مما يشير الى مشروع أزمة مستقبلا فى أي مشكلة تحصل .
الجرف القاري , وهي المنطقة الحدودية البحرية بين الكويت وإيران والسعودية بالإضافة للمياه الإقليمية , فى هذه المنطقة الحدودية البحرية يقع حقل الدرة الكويتي ويسمي بإيران بحقل ( أراش ) , هو محل خلاف , وعرضت إيران الإستفادة منه وتطويره ولكن تبقي المشكلة عالقة .
ويعود النزاع حول هذا الحقل إلى عقد الستينات عندما منحت إيران حق التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية – الانجليزية للنفط سابقا والتي تعرف اليوم باسم (بريتش بتروليوم)، في حين منحت الكويت الامتياز لشركة (رويال داتش شل)، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة .
وفي الوقت الحاضر تجددت الخلافات، واحتجت الكويت والسعودية رسميا عندما نشطت منصة حفر إيرانية لمدة ثلاثة أشهر في هذه المنطقة، غير أن أعمال الحفر أوقفت بعد ظهور الخلافات، وقد اتفق الجميع على بدء مفاوضات سياسية بهذا الخصوص للفصل في مسألة حدود الجرف القاري أولا , ثم البت بالتفاصيل النفطية المتعلقة بالحقول النفطية .
الخريطة تبين منطقة الجرف القاري وحقول النفط والغاز المتروكة بدون تقسيم حتى الآن وهو مشروع أزمة مستقبلا
حقل الدرة الكويتي يقع شمال الخليج فى الجرف القارى بين الكويت والسعودية وإيران ويضم حقولا للغاز والنفط، تقدر احتياطاته من الغاز الطبيعي بنحو 200 مليار متر مكعب.
مالمطلوب من الكويت تجاه إيران ؟؟
كل ما هو مطلوب تم فعله , تطمينات , حسن جوار , صداقه , وتعاون ( أمني وإقتصادي وسياسي )
ما المطلوب من إيران تجاه الكويت ؟؟
حسن الجوار , فتح صفحه جديدة مع الكويت ونسيان سنوات الحرب الثمانية وتأييد الكويت لنظام صدام وقتها , التوقيع على معاهدة عدم إعتداء بين الكويت وإيران .
الأخطار الثلاثة , يالطيف ألطف .....
.