مسطرة إيران والسعودية

نحمد الله أن الأمور والأوضاع السياسية واضحة جدا للجميع وخصوصا لأصحاب ( المساطر الواحدة ) والمبادئ الثابتة , فالمشهد السوري والبحريني  مثال حي عاصرنا أحداثهما بما فيهم المؤيدين وردود الأفعال , سأختصر ذلك بالتركيز على موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية من الثورة السورية تحديدا .

نحن أمام مشهد سياسي ( سوري ) يتمثل بنظام أحادى الحزب وشمولى التفكير , وهو يسيطر على سوريا سياسيا وإجتماعيا يرافق ذلك غياب قهرى للحريات ومؤسسات المجتمع المدني المخالفة لتوجهات حزب البعث , من ضمن ذلك الدستور وإستقلال القضاء  , الشعب السوري الآن ينتفض لأجل تغيير النظام الحالي الى ديمقراطى مؤسساتي , أمامه شبيحة وإستخبارات وجيش نظامى  والمشهد كأنه حرب بين مؤسسة حزب الحكم وبين الشعب المحكوم , ولكن ماذا عن الموقف الإيراني والسعودي ؟


لابد قبل الخوض بالموضوع .....  أن نذكر أسفنا وتعازينا على إزهاق تلك الأرواح البريئة خصوصا من النساء والأطفال ومن قضي تحت القصف وبالإشتباكات وتحت التعذيب , ممايدل على وحشية النظام , فلا بد من تحسين الوضع للأفضل ( سلما أو حربا ) , الموقف الروسي والصينى ينطلق من مصالح سياسية وإقتصادية وعدم السماح للتدخل الأمريكى فى سوريا , قطر تحول مثير ضد حليفه الممانع السورى , أما التركى قد يكون أقل المواقف تناقضا وأكثرها صدقا  خصوصا إذا ما راجعنا مواقفهم السابقة ( فى آخر 5 سنوات ) ونظامهم السياسي الداخلي بتركيا .

موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية

الربيع العربي الذي بدأ بال2011 , الإيرانيون سبقوا العرب بثلاثين عام عندما قدم الشعب الإيراني آلاف الضحايا بثورة شعبية عارمة أطاحت ب( شاه إيران ) عام 1979 وتحولت إيران الى دولة دستورية إسلامية ( حسب رغبة الشعب ) يحكمها برلمان ومؤسسات وبمصادقة الشعب الإيرانى بإستفتاء عام على دستور ولاية الفقيه  عام  1980  وبرعاية مفوضية مستقلة من القضاء الإيرانى , ففي إيران إنتخابات برلمانية ورئاسية ومجالس أخرى ( كالخبراء وصيانة الدستور وتشخيص مصلحة النظام ) وهو حسب منظورهم الخاص , ولى الكثير من الملاحظات والتحفظات .

 حاليا فى أزمة تغيير النظام بسوريا  ..... موقف إيران هو دعم هذا النظام حتى الرمق الأخير , سياسيا إعلاميا إقتصاديا مخابراتيا وعسكريا , فسوريا حليف إستراتيجي لإيران , وتعتبر ذراعها فى  دعم المقاومة بلبنان وفلسطين , ولكن هذا يتناقض تماما مع مبادئ الثورة ( الإسلامية ) الإيرانية ( لإحترام الإنسان وعدم قتل المدنيين ) !!!

نقطة لابد من ذكرها , وهى أن سوريا قامت بدعم جماعات القاعدة وحركات المقاومة البعثية بالعراق  منذ 2003 لغاية 2010  , المغزى من ذلك  كان لإفشال الدخول الأمريكى للعراق لأسباب كثيرة  , وبوجود أصرار ودعم إيرانى لإنجاح مهمة (حكومة المالكى ) كان التعارض بين الموقفين ( الإيرانى والسوري ) حتى تحولت العراق الى  ساحة حرب غير معلنة بين ميليشيات جيش المهدى المدعومة من إيران وفصائل المقاومة البعثية والقاعدية المدعومة من سوريا , وخذ بالإعتبار وقوف سوريا بجانب أياد علاوى ضد نوري المالكى .  
إنها السياسة والمصالح التى تتحرك من خلالها الدول ....

ماهى أسباب الدعم الإيرانى لسوريا ؟؟
أهداف سياسية ومصالح مشتركة تمتد الى لبنان وفلسطين عن طريق سوريا .
التكهن بقدوم ( نظام سلفي ) بدل من البعثي وهذا الشيء لايخدم المصالح الإيرانية حتما .
هو كنوع من ردة فعل على ماحدث بالبحرين واليمن من تدخل سعودى مباشر أو غير مباشر .



موقف المملكة العربية السعودية
غريب جدا هذا الحماس السعودى للإطاحة بالنظام السوري , لم يكن ذلك موجود بقضايا مهمة أخرى  كالحروب الفلسطينية وحرب 1996 و 2006 وحرب غزة , ولم تعترض السعودية على الفيتو الأمريكى طيلة 50 عاما كما أعترضت على الفيتو الروسي لسوريا !!! وهناك أراضى سعودية مازالت تحت الإحتلال الصهيونى منذ أكثر من  40 عاما أضغط هنا 

موقف السعودية من الربيع العربي , كانت متحفظة للثورة المصرية , وقامت بحماية زين العابدين بن على لديها وهو مجرم مطلوب للشعب التونسي , تدخلت عسكريا بالبحرين , وقامت بحماية على صالح ومجموعته عن طريق مبادرة لم يقبلها غالبية الشعب اليمنى .

وأيضا لابد من ذكر بأن السعودية نظام عنصري ضد المرأة والأقليات الدينية , ولايوجد بها دستور ولابرلمان منتخب , ومساحة الحريات فيها محدودة , ناهيك عن آلاف السجناء ( 4800 سجين مغيب حسب تقرير منظمة العفو الدولية ) معتقلين منذ سنوات وبدون محاكمات ومن جنسيات عديدة .... كيف تؤيد ثورة ديمقراطية وأنت لست كذلك ؟؟
مع تحفظى الشديد لمثل هذه المقارنة فالوضع بين السعودية وسوريا مختلف بعض الشيئ ويحتاج لبعض التفصيل .

نظام بشار الأسد لايقل بشاعة من نظام صدام حسين ودولة إسرائيل العنصرية ومع هذا نرى تباين واضح بالموقف السعودى منها ...... السؤال الذي يجب أن تناقش إجابته ... هل هذا الموقف من الثورة السورية حبا للديمقراطية والحريات وإحترام حقوق الأقليات أم بقدر كرههم  لبشار الأسد ونظامه ؟؟ 

المؤيدين للموقف السعودى الداعم للثورة السورية فقط لأن السعودية تريد ذلك , والآخرون مع الموقف الإيراني ( مساندة للنظام السوري )  فقط لأن إيران تريد ذلك , السعودية وإيران يتحاربان فى سوريا الآن , والشعب السورى منقسم ( وهذه حقيقة ) مع الثورة وضدها ولكن القتل اليومى المستمر سيضعف النظام كثيرا وهو غير مبالى لذلك .


حرر عقلك ولاتجعله ضحية مواقف غيرك , فكر بعقلك وليس بقلبك ...... أدعوا الله أن يفرج عن  الشعب السوري قريبا .